
حَدّثَنا أبي.. قال:
” السّكوتُ زنزانة،
الصّمتُ خيانة.. “
لم نفهمْ ما قالهُ أبي،
لم نعرفْ ما عناهُ أبي..!
*
بعدَ ساعتينِ،
أيقَظنا أبي..
لصلاة الفجر،
ردّد على مسامعنا:
” الصّمتُ زنزانة،
السكوتُ خيانة..”
لم نعرفْ ما قصدَهُ أبي،
لم نفهمْ ما قالهُ أبي..!
*
بعدَ يومينِ،
قاطعَ أبي مجلسنا،
حدّثنا وقال:
” الموتُ خيانة،
القولُ أمانة..”
لم نفهم ما قاله أبي،
لم نعرفْ ما أراده أبي..!
*
بعد أسبوعينِ،
باغتنا أبي بقوله:
” القول خيانة،
الموت أمانة..”
فؤجئنا بما قاله أبي،
لكننا لم نفهم قصد أبي..!
*
بعد شهرينِ،
عاد أبي من سفرهِ مثقلاً،
جلس إلينا، حدّثنا وقال:
” النومُ إهانة،
الصوتُ إهانة،
القمرُ إهانة،
الشمسُ إهانة..”
مجدداً، لم نعرف ما رمى إليه أبي،
لم نفهم ما قاله أبي..!
*
بعد سنتينِ،
إستقرّ بنا المقامُ في الحياة الأولى،
فقصدنا أبي.. ليحدّثنا.. قال:
” اليوم أترككم ملء جفنيّ،
اليوم أترككم، وقد حدّثتكم بما لديّ “
وغادرنا أبي،
ولم نفهم ما قاله أبي..!
*
بعد عقدينِ،
تجمّع أبناؤنا حولنا،
” حدّثونا ” .. قالوا لنا،
قلنا: ” الكلام مباح،
الصوت سلاح..”
أردفنا: ” القمر فضيلة،
الشمس رذيلة..”
وختمنا: ” الصمت حرية،
النوم هدية..”
لم يفهم الأبناءُ ما قلنا،
فأحضروا صورة جَدِّهِم،
طافوا حولها مراراً،
وهم يرددون:
” ليتكَ معنا لتحدِّثنا،
ليتكَ معنا، لنفهمَ ما يقولون..”.