لم اعرف شيئاً عن فلسطين يوماً في طفولتي غير ان الفلسطينيين متخلفين، إرهابيين، رجعيين … و انا الفلسطينية الأب، اللبنانية الأم، كنت اخجل من كوني فلسطينية، فعائلة امي اللبنانية لطالما عايرتني بجنسيتي و لوني الأسمر الذي اخذته أصلا عن أمي، أذكر أني كنت أكذب على أصدقائي في المدرسة و أقول انني من البقاع لأني سمعت يوماً ان في البقاع الغربي من لبنان هناك عائلة تحمل نفس اسم عائلتي ، لدرجة ان أصدقائي من المدرسة تفاجأوا في الكبر حين علموا اني فلسطينية و بعضهم من انقطع الاتصال بهم و لم يعرفوا حتى الآن
حين بلغت الخامسة عشرة من عمري تعرفت الى اول صديق فلسطيني و لم يكن رجعي ولا جاهل ولا فقير ولا أسود ولا حتى يعيش في المخيم ، شعرت بانتماء مخيف فهذا الفلسطيني يشبهني و لا يشبه اللذين وصفوهم لي طوال حياتي.
بدأت رحلتي مع التعرف على هويتي و كانت طويلة و ما زلت فيها ، أصبحت تشدني اللهجة الفلسطينية حين اسمعها من أي شخص ولا اتردد من سؤاله :”من اين انت من فلسطين ؟” و كأني اعرف شوارعها و ازقتها . دخلت الى المخيمات و تعرفت الى الطيبين ، لم انم بعد دخولي في المرة الأولى الى مخيم برج البراجنة حين قابلت عائلة فلسطينية لاجئة من سوريا تعيش في غرفة فيها حصيرة و فرشة على الأرض و رفضوا خروجي قبل ان اتناول الغداء معهم… و المواقف كثيرة..
و لا انسى ايضاً حين تلقيت اتصالاً من السفارة الفلسطينية ليخبروني ان جواز سفري وصل “كان اول جواز سفر لي ” تركت عملي و ذهبت كالطفلة مسرعة لأصل قبل موعد اقفال السفارة كي لا انتظر لليوم الثاني ، قالت لي زميلتي في العمل يومها :” لما كل هذا الفرح ، انه فقط جواز سفر !” كرهتها!! فهي فلسطينية أيضاً و لم تعرف قيمة هذا الجواز ..
انا فلسطينية من القدس و كنت كغيري اظن أن قبة الصخرة هي المسجد الأقصى و لغبائي ظننت ان مازالت هناك حرب قائمة بين العالم العربي و ما يدعى إسرائيل و كانت العودة حلمي كغيري من الحالمين، قبل ان اكبر و افهم الخذلان و الخيانة و البيع التي تعرضت له فلسطين وشعبها.
ليتني لم اكبر و لم اعرف فلسطين ، ليتني بقيت جاهلة..
ملاك أسعد صحافية فلسطينية