
هناك أمراض عديدة تنتقل وراثياً من الآباء إلى الأبناء تجعل الزوجين يعانيان طوال حياتهما من نتيجة هذا الإنتقال. أضف إلى ذلك أنّ المُصاب يواجه متاعب جمّة في محاولات التكيّف مع وضعه الصحي طوال حياته أيضاً.
من هذه الأمراض، والتي تنتشر بين شعوب البحر الأبيض المتوسط، وترتفع نسبة الإصابة بها بالزواج بين الأقارب، مرض يُعرف باسم التلاسيميا أو فقر الدم البحر المتوسط.
وإذا أردنا تعريف هذا المرض بشكل مبسّط، فهو باختصار ضعف يرثه الطفل ذكراً كان أم أنثى من أحد الأبوين أو كليهما، حيث يولد الطفل وهو يجري في شرايينه وعروقه دم غير طبيعي..
وسبب هذا المرض أنّ مادّة الهيموغلوبين، وهي عبارة عن بروتين متواجد داخل خلايا الدم الحمراء، وتحتوي على ذرّات الحديد دورها أن تيلتقط الأوكسجين في الرئتين وتسلّمه إلى الأنسجة للحفاظ على حياة الجسم، تكون ذات تركيب مختلف… بمعنى أنّ اختلاف نوع الهيموغلوبين في الدم يجعل كريات الدم الحمراء سريعة التكسّر ولا تعيش طويلاً، لذا ينشأ عند الطفل شحوب الفقر الدموي ويرقان ذلك التكسّر. والحل هو أنه علينا تزويد الطفل المريض بدم طازج وبكمية مناسبة لنرفع تركيز هذا الدم إلى الحد الطبيعي، ولكن الدم الجديد المُعطى للمريض لن يدوم إلا أسابيع قليلة ويرجع الاصفرار والشحوب إلى الجسم ويضعف من جديد ويحتاج إلى كمية ثانية من الدم، وهكذا دواليك…
وقد لا يمرّ شهر على الطفل المصاب إلا ويحتاج دماً بدل دمه الضائع في التكسّر، ولن تنفع معه أنواع الفيتامين ولا شراب الكلس ولا إبر الحديد، بل بالعكس، فإنّ إبر الحديد قد تزيد حالته سوءاً، فجسمه مشبع بالحديد، وإعطاؤه حديداً إضافياً يخرب الكبد عنده.. لكن نقول إنّ الوقاية تكون في الزواج من خارج العائلة حتى نبتعد عن توريث مثل هذا المرض لأطفالنا..