الأحد , أبريل 2 2023

مأساةٌ في نصٍّ بلا عنوان

   ما لا تستطيع أن ترسمه ريشة وألوان، وما لا تستطيع أن تحيط بتفاصيله لقطات فوتوغرافية أو شريط سينمائي مصوّر، يُمكن أن ترسمه وتقدّم ملامحه الدقيقة في قالب أدبي، كلماتٌ تتدفّقُ من يراعٍ متواصل عبر الأثير مع فكر وروح ينبضان في قلبٍ كقلب الشاعر السوداني مجاهد آدم، في هذا النص الذي لا عنوان له، لكنّه يتصدّر ديوانه ( غداً ستثقب عصافيرُ الضوء جسد الليل)، حيث يقول فيه: 

   كم ودّت أن أموت هادئاً كظلمة تفرّ من شعاع، أو أموت مرّة لا كلّ عام، ودّت أن تشدّني الضفاف في هدوء، وكلّ ضلعة مكانها وبكلّ عنفوانها تكون ضمن مَن مَضوا معي إلى الغياب أنا وذكريات مَن أحبّهم، زير مائنا المربوط على شجرة الحنّاء في قاع بيتنا العتيق، وقطّتي الصغيرة التي فضّلت الإنتحار على أن تعيش في خوف دائم. كم ودّت أن أموت وأن يعيش لي وطن، تنام أمّهاتنا بحجره دون خوف ولا نحيب قاصرين رأوا بأمّ أعينهم أباهمُ تُدَقُّ عنقُهُ، وطفلة تُصاب بالذهول والألم من فرط ما جرى بذات يوم، وشمس قريتي تُلامسُ المكان ما بين جثّة وأذرع تُقصُّ ولا تزال حيّة تبحث عن جسدها الذي انفصلت عنه، ولم يكن هناك مَن يؤكّد أنّها تنتمي إلى شخص بعينه، فمَن قضوا هناك كُثُر.

شاهد أيضاً

كلمات وعبارات في الفساد والفاسدين

   لا يكاد يخلو مقال يتحدّث عن الوضع الإقتصادي والسياسي في لبنان، أو حتى مقابلة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *