
أن تكتشف مزيجاً متداخلاً من المشاعر الإنسانية، التي تتوّج تراكماً من تفاصيل الحياة، بمُرّها وحُلوها، بسوادها وبياضها، بأخذها وعطائها.. هو أمر يدعو إلى التوقّف عنده، ورفع القبّعة بهدوء ورويّة، احتراماً.. انصياعاً.. اعترافاً.. فكيف بك إذا جذب انتباهك نصّ شعريّ قصير مكثّف المعاني، متعدّد الأشرعة والموانىء، متملّك من ناصية الحذافير مهما صَغُرَ شأنُها، ليختصر لك المسافات، عبر مفردات قليلة، متراصفة فوق أسطر أقلّ منها، لتحتلّ مساحة محدودة فوق صفحة بيضاء نقيّة، كالقمر الصامت.
هذا باختصار ما واجهني في نصّ بعنوان حُبّ، للشاعر العُماني سيف الرحبي*، من ديوانه مدية واحدة لا تكفي لذبح عصفور، والإهداء إلى شمس:
وجهُكِ المليء بالنّعاس والضّجر
من هذا العالم،
وجهُكِ الذي يُشبهُ توتّر طائرٍ
مأخوذٍ فوقَ بُحيرةٍ، أطلّ منها
على هاوية حُبّي، فأرى
في عُمقِ الغابةِ عينيكِ تضيئان
سِنيَّ حياتي
فأبكي.
* سيف الرحبي من مواليد عام 1956 بقرية سرور بعُمان، التي غادرها مبكراً نحو القاهرة. بعدها عاش حالة من عدم الإستقرار، متنقلاً بين أكثر من بلد عربي واوروبي.
* صدر له:
– نورسة الجنون (شعر)
– الجبل الأخضر (شعر – قصص)
– أجراس القطيعة (شعر)
– رأس المسافر (شعر)
– مدية واحدة لا تكفي لذبح عصفور (شعر)