ما كانت الأميرات تتربّعن في أحلام طفولتي، ولا شهرزاد الماكرة بأنوثتها وأمومتها وقدراتها وحيلةٍ في التلاعب برأس قاطع الرؤوس…
أين المنطق في كلّ ذلك دون حاجتها إلى الالتواء أو المراوغة؟! ولماذا حرية شهريار في قتل من يشاء وتفلّتُه من مسؤولية ترفعه من حاكم إلى مستوى الإنسانية… هي لم تغيّر شيئًا من سلطته المطلقة لا في الدولة ولا في العائلة، فظلّ المُطاع دون مناقشة ودون محاسبة، وظلّت هي أسيرة له، زوجة جارية وعشيقة تسلّيه بالحكايا كالطفل لينام ويكفّ شرّه. انحصر دورها داخل الأنوثة والأمومة في الأسرة التي يحكمها الزوج لتصبح نموذجًا للمرأة الصالحة المثالية حتى يومنا.
الرجل مريضٌ بالسلطة المطلقة، لم تعالجه الأيام من هذا المرض، بل زادته تدليلًا حتى الثُّمالة. كان شهريار ضحية هذه المرأة الفاسدة، لو لم تكن! لأخذت بيده وأرشدته كالأم إلى الطريق الصحيح. هنا أيضًا يتّضح التناقض. فالمرأة هي المحرّك سواء في مجال الشرّ أو الخير، والرجل هو المفعول به.. فبين اثنتين: الملاك الطاهر- الأم المضحِّية التي تلدُ ذكورًا، أو الشيطانة التي تمارس الفكر والجنس دون أن تلد أطفالًا وتغيّر ملامح الرجال…
المرأة المبدعة حرّة، على قدر كبير من الشجاعة، لتمتلئ منها عيون وآذان ذكورية متعطّشة إلى الحبّ والجمال والمعرفة خرج أصحابها يفتّشون عن عواطف تحت وهم الأدب والشعر… لا يصمدون أمام ضوء نهارها، ويسقطون أمام أيّ امتحان. فهي إن استطاعت أن ترفض الدور العبودي للأنوثة والأمومة، لتترك ثروة فكرية، فنية وروحية إنسانية أكثر أهمية من أن تلد الذكور لتزيد عدد المخادعين… هي المثقفة – المفكّرة، يترصدون أنفاسها وينتظرون تفاعلاتها، ودون أن يُدركوا أهمية الحرية الغريزية لكلامها والتعبير عن آفاق سحرية، فتصير في معظم الحالات من المغضوب عليهم، تخترع وتبتكر الجديد المختلف الذي لا يمُتّ إلى عالم التقاليد بصلة. هي التي تقدّس الشغف والعشق والغرابة في أصغر التفاصيل وأكثرها، لتعيد تكوين عالم جديد على صورتها ومثال ألوهتها وحدسها…
من فكرها ما قد يقتلكَ…
كرما