
مع كل مقدمة لنشرة الأخبار المسائية على قناة ال إم تي في اللبنانية، يتمنى مذيع النشرة على اللبنانيين، بعد سرد سلسلة أخبار رديئة تطال المواطن في قوت يومه وتفاصيل حياته التي يعيشها بصعوبة لم يعهدها حتى أيام الحرب، وبلغة تحذيرية مبطنة، أن يستفيد من فرصة الإستحقاق السياسي القادم والمتمثل في إجراء إنتخابات نيابية، وأن لا يعاود انتخاب مَن أوصل البلاد إلى هذا المرحلة من الإنهيار، والذي لم يترك قطاعاً أو جانباً من جوانب الحياة بكلّ تفاصيلها إلا ودخله من أوسع أبوابه.
ظاهر الدعوة، إن صحّ التعبير، يبدو وكأنه الحل الأمثل لبداية الخطوة الأولى في مسيرة الألف ميل من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، والبدء بتطبيق خطة نهوض يشرف على إعدادها ومراحل تنفيذها أهل العلم والتخصص والخبرة، تجعل اللبناني يرفع رأسه مجدداً ويتنفّس الصعداء، محاولاً التكيّف مع واقع جديد، لكنه مجبر على ذلك، وسيسعى جاهداً ليتحلّى بالصبر المطلوب، إن سارت الأمور نحو التحسّن ولو ببطء شديد.
ولكن صورة الواقع، وفي الفترة الحالية على أقل تقدير، تشير بأغلب تفاصيلها إلى أن تحقيق هذا التغيير المرتجى لن يكون بالأمر السهل، ولا يمكن تلمّس اي نتائج مسبقة في هذا المضمار، على المدى المنظور، لأن أغلب القراءات السياسية لأحوال هذه الإنتخابات المرتقبة، والتي تتداولها وسائل الإعلام والتواصل بجميع أشكالها تكاد تجزم أن الغلبة ستكون للوجوه التي عهدناها، وإن حصل أي تغيير في ملامحها، فإن الذهنية ستكون كالإرث المُحَرّم على الوارث التفريط به ولو على قطع رقبته..
فهل الإلتزام بتحذير مذيعي ال إم تي في كافٍ لكي نجتاز هذه المرحلة القاسية، التي يعيشها الشعب اللبناني بأكثر فئاته؟ فالتعلّق بأمل ما زالت الرؤية من خلال نافذته يغطيها الضباب، والرهان على حالة إنتظار تعتمد على ما لا يختلف عليه إثنان ولو سرّاً بأنه لن يحصل كما هو مطلوب، يوجب علينا أن نفكّر مليّاً إلى ضرورة إيجاد أكثر من سكة، لأكثر من قطار، كي تلتقي جميعها في المحطة الرئيسية، فربما تعطّل أحدها، وربما آخر ضلّ سبيله وخرج عن الخط المحدد له، وربما، أقول ربّما، حصل ما لم يكن في الحسبان، أقصد: بقي الحال على ما هو عليه، لأسباب داخلية غير مقنعة، وأسباب إقليمية وخارجية أشدّ وضوحاً وصراحة.. أليس ذلك ممكناً؟.. ومَنْ يَعِشْ يَرَ..!