
كم هو بارعٌ هذا السياسيّ، أيّاً كان شأنه في لبنان، في كسب الوقت من أجل بقائه في موقعه، متّخذاً منه مبرراً لتقاعسه وتقصيره الواضح كوميض الشمس..
كم هو بارعٌ هذا المسؤول السياسي، ذو المنصب الرفيع في تحويل الأنظار نحو كلّ استحقاق بعيد من أجل ضخّ جرعة من الأمل المزيّف في نفس المواطن، الذي يتعامل مع هذه المحطات كورق اللعب المقلوب على الوجه الآخر.. وهو ينتظر دوماً أن يكون اختياره لهذه الورقة دون تلك هو مفتاح الفوز في اللعبة التي تدور دائرة السوء فيها على حظه المتعثر..
كم هو بارع هذا القوّام على شؤون البلاد والعباد، في إلقاء اللوم على مَن ينتمون إلى تيارات سياسية أخرى، بأنهم كانوا يضعون العراقيل أمام المشارع التي اقترحها، لذلك لم يتحقق منها سوى الشيء القليل..
كم هو صاحب نَفَسٍ طويل هذا “المتبرّع” بوقته، وجهده وعصارة فكره، من أجل الدفاع عن وجهة نظر زعيمه وقائده، صاحب الرأي الصائب والرؤية الثاقبة لمجريات الأمور، وفق كلامه المتكرر دوماً، عند استضافته عبر وسائل الإعلام المرئية بشكل خاص.
كم هو مقهور هذا المواطن، الذي يعيش حال انتظار شبه دائمة، لكلّ محطة يتوقّف عندها قطار حياته في هذا الوطن، عاقداً الرجاء على تحقّق شيء من سيل الوعود التي تسبق كلّ وصول، ولو كان متأخراً.
واليوم، وكما هو معلوم، فإنّ الرهان على الإنتخابات النيابية يأخذ حيّزاً كبيراً من الإهتمام لدى الطبقة السياسية الحاكمة، والطبقة البورجوازية الطامحة، ولدى وسائل الإعلام بكلّ أنواعها، لكن حماس المواطن الذي تعرّض للّدغ أكثر من مرة من الجُحر ذاته، ما زال دون المستوى المطلوب بكثير، وما زالت براعم قناعاته في حصول تغيير ملموس، لم تتفتّح سوى لدى مَن سَلّم مقاليدَ عقله منذ عقود، لشخص زعيم ما، ولم يكتفِ بذلك بل أورثه لأبنائه وأحفاده، بحجّة أنّ هذا الزعيم الأيقونة، أو مَن يخلفه هو الأفضل بلا منازع، ولا يُمكن للأمور أن تسلك الدرب القويم، إلا بزعامته.. أم لدى القارىء الكريم تصوّر آخر؟