الأحد , أبريل 2 2023

إهداء إلى.. لا أحد..!

   كثيرا ما يُهملُ القارىء الصفحة المخصصة من أي كتاب للإهداء، وإن اطّلع عليها فسريعاً، لأنّها غالباً ما تكون متشابهة من حيث الإطار العام، لأن الإهداء يكون لأشخاص قريبين من الكاتب أو مشجّعين ومؤمنين بموهبته، أو وفاء لذكرى أحد عزيز عليه، كان يأمل أن يكون حيّاً ليشاركه سعادته في ولادة الكتاب، وإلى ما هنالك من احتمالات متشابهة..

   أمّا مع الشاعر المغربي محمّد عريج، فالأمر يتحوّل إلى اتّجاه آخر.. ففي ديوانه تركنا نوافذنا للطيور، والحقُّ يُقال أنّ العنوان المُكوّن من كلماتٍ ثلاث له وَقعٌ في النفسِ والأُذُن، تجد أنّ الإهداء هو قصيدة بحدّ ذاته، فيها إشارات مكثّفة المعاني وغمزات من قنوات تتوجّه إلى مَن يعنيهم بمفرداته المتقنة الإختيار، حتى يصلَ في نصّه القصير هذا إلى خاتمة مشرّعة كبابٍ على مصراعيه، تكثرُ فيه الاحتمالات كألوان قوس السماء.. في موقفٍ انتقل فيه من الدائرة الكبرى بتسلسل سريع إلى الدائرة الصغرى من محيطه.. مما زاد في إبراز قُدراته في امتلاك صوتٍ خاصٍّ به، ولننتقل إلى النص مباشرة:

إلى لا أحدْ..

لأنّ القصيدة بنتُ السَّرابِ..

تجيءُ بلا موعدٍ… وتضيءُ المسافاتِ للعابرينَ..

وترعى حنينَ الأبدْ

*

إلى الكلّ../ مَنْ يملكونَ مرايا ولا يملكونَ وجوهاً

ومَن يملكون غيوماً.. ولا يملكون رياحاً

ومَنْ يملكونَ قبوراً.. ولا يملكون جسدْ

*

إليَّ../ لأنّي أنا مَن تقمَّصَ دورَ الفراشةِ في النّارِ

قدْ أكملُ الآن موتاً صغيراً.. يُطلُّ عليَّ..

وقدْ أدركُ الآن في الضوء سِرّي وقدْ..

*

شاهد أيضاً

كلمات وعبارات في الفساد والفاسدين

   لا يكاد يخلو مقال يتحدّث عن الوضع الإقتصادي والسياسي في لبنان، أو حتى مقابلة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *